هناك قصة مألوفة تحيط بالرئيس الذي تولى منصبه لفترة واحدة وكان ينتمي لبلدة صغيرة، جيمس إيرل كارتر الابن: رجل صالح وصادق، حسن النوايا. كان غير أناني ومحل إعجاب في مهامه بعد الرئاسة. وعندما تصل إلى نهاية مذكرات كارتر في البيت الأبيض عام 1982، «الحفاظ على الإيمان»، وتجد أنه يتأمل قائلاً: «باعتباري أحد أصغر الرؤساء السابقين، توقعت أن يكون لدي سنوات عديدة مفيدة أمامي»، فمن الصعب ألا تبتسم. نعم، لقد فعل.
هذه القصة تحمل في طياتها الكثير من الحقيقة، ولكنها لا ينبغي أن تكون النسخة الوحيدة من حياة كارتر التي نختار أن نتذكرها. فمن بين أكثر من عشرين كتاباً ألفها، كتب كارتر عدة أعمال تأخذ طابع السيرة الذاتية، وتُظهر تلك التأملات والذكريات كيف أن الغرائز والطموحات التي حركته - والتي أحيت كلاً من رئاسته وما بعدها - كانت واضحة منذ وقت مبكر في حياته. وتكشف كتاباته عن رجل يسعى لكسب ثقة الآخرين، ويظهر ثقة ثابتة في نفسه ويثق دائماً في بلد لم يرد له الجميل دائماً.
تتكرر هذه الدوافع في لحظات بعيدة. على سبيل المثال، عندما كان صبياً، أمضى الكثير من الوقت مع الأسر الأميركية الأفريقية التي كانت تعمل كمزارعين مستأجرين أو عمال يوميين في أرض والده. كان يلعب مع أطفالهم، ويشاركهم في تناول الوجبات في منازلهم، ويستوعب ما يستطيع من قيمهم، بل ويسعى حتى إلى تقليد أسلوبهم في الكلام. من الصعب (أو ربما ليس كذلك) تخيل ما كانوا يعتقدونه حيال هذا الحماس، ولكن بالنسبة لكارتر، «كان من الطبيعي بالنسبة لي أن أعتبر نفسي دخيلاً وأن أسعى إلى محاكاة عاداتهم ولغتهم»، كما كتب في «ساعة قبل ضوء النهار: ذكريات صبي ريفي»، وهي مذكرات عام 2001 عن نشأته في جورجيا خلال فترة الكساد الكبير. كان فخوراً جداً بالعمل كمترجم بين والدته وجيرانهم السود - «لقد ارتكبت نصيبي من الأخطاء أثناء محاولتي الانتقال بين اللهجتين»، كما اعترف - ولاحظ أن البالغين السود كانوا يبوحون له بمخاوفهم الشخصية والمالية، على أمل أن ينقلها إلى والديه، كما افترض. «كنت عادةً أجد طريقة لطرح هذه القضايا في المنزل عندما أعتقد أنها قد تساعد»، كما كتب.
بعد عقود، خلال محادثات السلام في كامب ديفيد عام 1978 مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن والرئيس المصري أنور السادات، عمل كارتر مرة أخرى كوسيط بين طرفين، على الرغم من العيش جنباً إلى جنب، لم يفهم كل منهما الآخر. فقد أمضى بيجن والسادات أياماً دون أن يخاطب أحدهما الآخر بشكل مباشر، لذلك عمل كارتر، مع فريقه، كـ «حكم» أو «جسر» بين المعسكرين، كما يتذكر في كتابه «الحفاظ على الإيمان». وقرر كارتر أن «تقييم الزعماء الآخرين لنزاهتي» كان عاملاً حيوياً. فقد بدا أن الرئيس المصري يثق به كثيراً، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يثق به بما يكفي - وأخذ الأمر على محمل شخصي. وقال كارتر لبيجن: «أعظم قوتي هنا هي ثقتك بي»، بصوت يكاد يكون صراخاً، عندما شعر أن الزعيم الإسرائيلي يحتفظ بشيء ما. «لكنني لا أشعر بأنني أحظى بثقتك».
كانت رئاسة جيمي كارتر، الذي توفي يوم الأحد الماضي في مسقط رأسه، بلينز، بولاية جورجيا، تجربة ثقة كبيرة، وكذلك كانت حياته.
في سباق مجلس الشيوخ في ولاية جورجيا عام 1962، واجه كارتر تزويراً انتخابياً من خصمه، معتمداً على أن هذا الفساد سيصبح قريباً «ذكرى تتلاشى» في الجنوب. (في المقابل، وصفته والدته بأنه «ساذج للغاية»). لقد أدرك أن الأميركيين المحبطين عهدوا إليه بالبيت الأبيض لأنهم اعتقدوا أنه لن يكرر المآسي مثل فيتنام وووترجيت. وبصفته رئيساً، سعى إلى كسب ثقة قادة العالم - بعضهم شارك معه نضالاتهم الإيمانية بشكل خاص - لكنه فشل في الحفاظ على دعم الكونجرس أو الشعب الأميركي، الذي أصبح، وليس من دون سبب، يثق في نواياه الحسنة أكثر من قدراته التنفيذية.
في كتابه «الحفاظ على الإيمان»، أعرب كارتر عن دهشته من أن الولايات المتحدة استطاعت بطريقة ما أن تظل متماسكة من انتخابات إلى أخرى، ومن إدارة إلى أخرى. بالنظر إلى النظام السياسي المجزأ، وسقوط المسؤولين المنتخبين، والضغوط المحيطة بكل قرار، «يكاد يكون معجزة كيف تبقى أمتنا وتزدهر». لقد وثق كارتر بالأميركيين، إن لم يكن دائماً بقادتهم، لتحقيق تلك المعجزة. رغم أننا أحياناً «ننحرف جذرياً عن طريق أمتنا التاريخي»، كما كتب، «فإننا قادرون على تصحيح أخطائنا، وإصلاح ما أفسدناه، والمضي قدما نحو أيام أفضل».
في عام 1980، قرر الناخبون أن تلك الأيام الأفضل لن تشمل كارتر، على الأقل ليس في البيت الأبيض. لقد تخلى عنه الجمهور الذي احتضنه باعتباره الإجابة على الحقد المدروس لريتشارد نيكسون لصالح التفاؤل المرح لرونالد ريجان. أراد كارتر أن يساعد في إصلاح ثقة الأمة بنفسها واستعادة ثقة العالم في أمته. كرئيس، كافح في هذا الجهد، لكنه لم يتعب منه.
كارلوس لوزادا
صحفي ومؤلف أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»